
في عصر تَغمرنا فيه المعلومات من كل حدب وصوب عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإخبارية، أصبح التمييز بين الحقيقة والشائعة تحدياً يومياً. إدراكاً منا لمسؤوليتنا في إعداد جيل قادر على الإبحار بأمان في هذا المحيط الرقمي، استضاف “نادي مهارات الحياة” ندوة متخصصة حول “التفكير النقدي وكيفية تحليل المعلومات”.
لم تهدف الندوة إلى تقديم قائمة بالمواقع الموثوقة، بل إلى بناء “عدة أدوات عقلية” لدى كل طالب. تم تدريب الطلاب على طرح الأسئلة الأساسية الأربعة قبل تصديق أو مشاركة أي معلومة: من هو مصدر هذه المعلومة؟ ما هو دافعه؟ ما هو الدليل المقدم؟ وهل هناك وجهات نظر أخرى تم تجاهلها؟
انتقل الطلاب من النظرية إلى التطبيق العملي، حيث قاموا بتحليل نماذج حقيقية لأخبار زائفة ومنشورات مضللة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي. تعلموا كيفية استخدام أدوات التحقق من الحقائق (Fact-checking) عبر الإنترنت، والتعرف على علامات التحيز الإعلامي، وفهم الفرق الجوهري بين الرأي والخبر. لقد كانت جلسة لتمرين “عضلة الشك الصحي”، وهي أهم عضلة يحتاجها المواطن في عصر المعلومات.
يقول المحاضر الذي أدار الندوة، وهو باحث في الإعلام الرقمي: “مهمتنا ليست أن نقول للطلاب ماذا يصدقون، بل أن نعطيهم الأدوات ليعرفوا بأنفسهم لماذا يجب أن يصدقوا شيئاً ما. نحن لا نبني جدراناً حولهم لمنع المعلومات، بل نمنحهم بوصلة ونظارة مكبرة ليفهموها.”
إن تخريج طلاب يملكون المعرفة الأكاديمية هو هدف مهم، لكن تخريج مواطنين يملكون القدرة على التفكير النقدي المستقل هو هدفنا الأسمى. نحن نؤمن بأن تعليم طلابنا كيف يفكرون هو أهم من تعليمهم ماذا يفكرون، وهذه الندوة هي خطوة أساسية في رحلة بناء جيل واعٍ، مسؤول، ومحصّن ضد التضليل.