
الوقوف أمام جمهور، مهما كان صغيراً، هو أحد أكثر التحديات التي تواجه الكثيرين منا. هذا الخوف من التحدث علناً يمكن أن يحد من إمكاناتنا ويمنع أفكارنا الرائعة من الوصول إلى النور. في نادي مهارات الحياة، نؤمن بأن الثقة في التعبير عن الذات ليست موهبة فطرية، بل هي مهارة يمكن بناؤها وتنميتها بالتدريب والممارسة في بيئة آمنة وداعمة.
بدأت رحلة طلابنا في ورشة “فن الإلقاء” بكثير من التردد. كانت الأعين تنظر إلى الأرض، والأصوات تخفت، والأفكار تتشتت تحت وطأة القلق. لكن خطوة بخطوة، وبإشراف مدربين متخصصين، بدأ التحول. تعلموا أولاً تقنيات التنفس العميق للسيطرة على التوتر، ثم انتقلوا إلى كيفية بناء حجة منطقية وتنظيم الأفكار في مقدمة وجسم وخاتمة مؤثرة.
لم يقتصر التدريب على “ماذا نقول”، بل ركز بشكل كبير على “كيف نقوله”. تدرب الطلاب على استخدام لغة الجسد الواثقة، الحفاظ على التواصل البصري مع الجمهور، وتوظيف نبرة الصوت لنقل المشاعر وإبقاء المستمعين في حالة انتباه. بدأت التدريبات في مجموعات صغيرة وآمنة، ثم تدرجت لتصل إلى عروض تقديمية أمام زملائهم في النادي.
تقول الطالبة سارة (16 عاماً): “في البداية، كنت أرتجف بمجرد التفكير في الوقوف أمام الفصل. الآن، بعد الورشة، أشعر بأن لدي الأدوات اللازمة لأعرض أفكاري بثقة ووضوح. لم أتعلم كيف أتحدث فقط، بل تعلمت أن لصوتي قيمة وأثراً.”
النتيجة لم تكن مجرد عروض تقديمية ناجحة، بل كانت بناء شخصيات أكثر ثقة وقدرة على القيادة. هؤلاء الشباب والشابات أصبحوا اليوم مجهزين ليس فقط لتقديم عروضهم المدرسية، بل لمقابلات القبول الجامعي، لاجتماعات العمل، ولكل موقف في المستقبل يتطلب منهم أن يدافعوا عن أفكارهم ويقودوا الحوار. هذه هي المهارات الحقيقية التي تدوم مدى الحياة.